كفاح التنمر

كان طالبا في المدرسة الاعدادية،وكان طالبا مجتهدا وناجحا،رغم التشوه الذي كان على وجهه،يجعل أكثر من معه في المدرسة ينفرون منه،ولا يودون مجالسته،مما جعله في كل يوم يعود فيه من المدرسة إلى البيت يعود حزينا،يتذكر تلك الأيام الماضية،عندما كان مع والده في المزرعة يحصدان مازرعاه،وكان على والده الكثير من الديون التي لم يسددها بعد،وكان يتهرب من سدادها،فجاءها أحد الغاضبين من صنيعه في مزرعته في ذاك الوقت،بأنه إن لم يسدد الدين الذي عليه الآن فإنه سوف يتم حرق مزرعته بالكامل فلم يكترث الأب بهذا التهديد،واكتفى بالشجار ومن بعدها أعطى المدين ظهره وذهب ليكمل عمله،مما جعل الرجل يشتعل غضبا،وأحضر البنزين من سيارته ورشها بسرعة في المزرعة من دون أن ينتبه صاحب المزرعة وابنه،والقى بعود الكبريت المشتعل ورحل من بعدها بعد أن نفذ تهديده،وبينما الأب يعمل اشتم رائحة حريق،فاستيقظ قلبه حينها وعلم بأن ذاك الرجل اللعين قد نفذ تهديده في الحال،وبإنه لم يكن مجرد تهديد،حاول الأب المسكين وابنه اطفاء الحريق ولكن دون جدوى،فقد كبر الحريق وأخذ يأكل كل ثمار المزرعة وكل أخضر فيها،ولشدة الهلع ركض الأب يطلب النجدة من أي شخص ينقذ ماتبقي من مزرعته ونسي من هو أهم من مزرعته ألا وهو ابنه،فأحاطت به النيران من كل اتجاه فأصابته،فأحرقت وجهه وجزء كبير من جسده،حريق كبير كاد أن ينهي حياته ولكن عاد والده ومعه النجدة وقد أدركه في اللحظات الأخيرة،ولحسن الحظ كان لا يزال يتنفس،ولسوء الحظ التهم الحريق الكثير من وجهه وجسده،أما المزرعة فكانت قد احترقت بالكامل. يتذكر هذه الحادثة وينام والدموع تجري من عينيه، ليستيقظ في صباح اليوم التالي،فتزداد كآبته وأحزانه بسبب مجموعة من المتنمرين في صفه،يراهم في الصف ،وفي وقت الفسحة،وحتى في ساعات الصباح الأولى في المدرسة،ووقت الطابور،فيستقبلونه بابتسامة ساخرة،ومن ثم ينادونه بألقاب لا حصر لها مثل أيها (الفضائي)،(القبيح)،(صاحب الوجه المشوه) (المتحول)،(الفزاعة)،إلخ.... ومن بعدها يضحكون عليه،ويبدؤون في إلقاء النكت الساخرة عليه،الواحد تلو الآخر،حتى تصيب كلماتهم المسمومة أعماق قلبه فلا يحتمل،فيبدأ بالبكاء،والرد عليهم أيضا،فلا يعجبهم هذا التصرف،فيغضبون بعد أن يشعروا بالاستفزاز،فيتهجمون عليه،بالدفع،والضرب، والسب،والشتم وهنا يقف عاجزا تماما كي يدافع عن نفسه،كان هذا روتينه اليومي حتى تداركته رحمة الله،وسخر له من يحميه منهم جميعا ويعيده له حقوقه منهم،هو وكل من يتعرض للتنمر،حيث كان قد وصل الخبر إلى المرشد الطلابي فأسس في المدرسة مايسمى (بمكافحة التنمر) هدفها معاقبة كل من يقوم بالتنمر وأذية الطلاب المساكين،ففتح الباب لكل من يتعرض للتنمر بأن يأتي ويقدم شكوى ضد من يقوم بالتنمر عليه،كما أنه خصص فيها مجموعة من الطلاب الثقة والمهرة في التجسس،حيث أنهم إذا رأوا أي تنمر أيا كان نوعه،وأيا كان المتنمر،يأتوا في الحال ويخبروا المرشد الطلابي،كما أن مكافحة التنمر كانت تعطي مجموعة منوعة من العقوبات على الطلاب المتنمرين كنقص الدرجات،والحرمان من الامتحان،و حلاقة شعر الرأس بالكامل،والفصل من المدرسة لعدة أيام،وتبليغ ولي الأمر،ومن ظهور هذه الفكرة،انخفض التنمر بشكل واضح في المدرسة،حتى أصبح لا وجود له،وأصبح الطلاب الذين كانوا يتعرضون له في السابق سعداء جدا.
;

إرسال تعليق

5 تعليقات